بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

    الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد..

    أقولُ وباللهِ استعين:

    من فضل الله علينا أنْ جعلنا من أمَّة الرِّسالة السَّماوية الخالدة، أمة (اقرأ)، أمة العِلم (تعلّمًا وتعليمًا)، أمة الكتابة والقراءة، من أتباع القائل e: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». [البخاري (71)، ومسلم (1037) (2436)]. وفي رواية عند البخاري [تعليقًا]: «مَنْ يُرِدْ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَهِّمْهُ».

    ولذلك لا نجد أمةً من الأمم حملتْ تُراثِ عِلميًّا، بقدر ما حملت هذه الأمة، وحملت معه أيضًا: أمانة العلم، وأمانة حمله، وأمانة إيصاله…

    وقد أشادَ اللهُ بالعِلمِ في أكثر من آية؛ منها قول U: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (9)} [الزمر]. وقوله U: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].

    فبالعلم تنهضُ الأمم، وبالعلم يرفعُ اللهُ أقوامًا، ويضع آخرين.. وبالعلم يتقدَّم الرجلُ بين أقرانه، أو يتأخر.

    ولكنَّ بابَ العلم ليس لأي أحدٍ دخوله، ما لم يكن من أهلِه، ومتحليًّا بآدابِه، لأنَّ العلمَ مجدٌ، وليس لكل أحدٍ طَوْل المجد إلا من جدَّ، كما قال الأول.

دببت للمجد والسَّاعون قد بلغوا … جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا

فكابر والمجد حتى مل أكثرهم … وعانق المجد من أوفى من صبرا

لا تَحْسَبَ المَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ … لَنْ تَبْلُغَ الَمْجَدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا

    وفي زمانِنا هذا ثارت براكين العلم والمعرفة، وقرأ النَّاس وأقرؤوا، فبالعلم استوطنت البادية، وتعلّم الأعراب، ولم يعد للأمي بين الناس مكانة، ولا صدارة، ولو كان حكيم قومه!!

    ومن وسائل المعرفة اليوم (الإنترنت)، تلكم الشبكة الرهيبة، التي جعلت من في المغرب يُكَلّم ـ في حينه ـ مَنْ في المشرق، ويراه، ويعرف ما يعتقد؟! وكيف يكتب ويقرأ؟! بل وكيف يأكل ويلبس…؟!

    صار كثيرٌ من الناس اليوم أسيرًا لهذه الشبكة العالمية، وأمضى الناس في الجلوس لأجلها ساعات طويلة لا يتخللها أكل ولا شرب، بل ولا راحة أو استجمام، ما بين قارئ أو كاتب.

    ومن يرى حال هؤلاء، ويرى ما يكتبون، أو يَطَّلع على ما يقرءون؛ علم أنَّ في الأمة اليوم من أشغل نفسه بغير العلم. ومن يتصفح المواقعَ اليوم؛ يرى عجبًا…!!

    فذاك يؤسس موقعًا للأغاني؛ ينشر فيه ما حرمه الله ورسوله e، ويبيع الهوى على الناس في صوره المبتذلة، ويلهي فتيان وفتيات الأمة باسم الشعر والفن…

    وآخر يؤسس موقعًا للرياضة؛ ويبدأ في بث الشحناء والبغضاء والتعصب بين فئات الشباب، باسم الرياضة…

    وثالثٌ ينشئ موقعًا للأفلام؛ فينشر بين المسلمين أصول إقامة العلاقات المحرمّة، وصور للدياثة العصرية، في ثياب البراءة، فيَضِلُّ ويُضِلُّ…

    وهناك غيرهم ممن عجز عن تأسيس المواقع، فكانت مهمتهم على هذه الشبكة، متابعة ما لا يتابعه أهل العقل والمروءة…!!!

    أو التخصص في نشر الإشاعات… أو ثلب العلماء، وأهل المروءة والفضيلة…

    الواحد منا لا يستطيع حمل وزره يوم القيامة، فكيف بحمل أوزاره وأزا من ضلوا بسببه؟!

    فوا أسفا على ضياع العمر!!

    ولكن يبقى من أبقى الله ذكرَه، فهناك الكثير من أهل الخير، ومحبي الفضيلة، ومناصري الحق، أَبَوْ الجلوسَ مكتوفي الأيدي، فَلَجَّوا في لُجَّة (النت)، وأسسوا المواقع النافعة..

    فذلك أسس موقعًا لنصرة الرسول e، والذب عن آل بيته الطاهرين..

    وآخر أسس موقعًا لنشر كتاب الله بين الناس، وتفسيره، وتقريبه بترجمة معانيه..

    وآخر أسس موقعًا لنشر الفقه والحديث بين الناس..

    وثالث متخصصٌ في تعليم النساء ما يخفى عليهن من أمور دينهن..

    فأحببتُ المشاركة مع أهل الفضل والخير؛ رجاء أن يحشرني الله معهم يوم القيامة، فالمرء مع من أحب.

    لذا؛ أسستُ هذا الموقع، وسميته باسم: (المُقْنِع)، باسم كتابٍ فقهي للإمام أبي محمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي، وهو من أجل كتب الحنابلة.

    أسأل الله تعالى أن يبارك لي في هذا الموقع وينفع به.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتبه:

الدكتور: عبدالله بن محمد الحوالي الشمراني

مؤسس ومشرف موقع (المقنع)

_______________________